التعليم باليابان

اليابان ، لاشك أنك سمعت عنه ، سواء من خلال الأفلام الوثائقية ، أو السينما اليابانية ، أو حتى قصص المانغا و الأنمي ، لكن ماذا تعرف عن اليابان كدولة ، كمجتمع ، كثقافة ؟ هل تعلم سبب نهضتها بعد أن كانت أسفل سافلين بعد الهزيمة الساحقة أمام الحلفاء إبان الحرب العالمية الثانية؟ إذن تعال معنا على المسوعة التربوية لتتعرف عن سر تفوق هذا البلد الصغير من خلال هذا الملف .
للإطلاع على تاريخ ، جغرافيا ، اقتصاد و نمط المجتمع بدولة اليابان ، قم بتحميل ملف [PDF] الذي ستجده في آخر الموضوع ، و ستجد كثيرا من المعلومات القيمة .
1- التعليم باليابان :



أ‌- نظرة أولية :
تاريخ التعليم في اليابان يعود إلى القرن السادس الميلادي عندما بدأت التعاليم الصينية بالدخول إلى اليابان في فترة ياماتو، و يمكن تقسيمها إلى :
- من القرن 6 إلى القرن 15
دخلت التعاليم الصينية إلى اليابان بدءاً من القرن السادس بالترافق مع دخول البوذية، بالإضافة إلى نظام الكتابة الصينية و الأدب الصيني و الكونفوشيوسية. وبحلول القرن التاسع كان في هييان-كيو (الاسم القديم لكيوتو) التي كانت عاصمة اليابان خمسة معاهد للتعليم العالي، وفي أثناء فترة هييآن تأسست الكثير من المدارس من قبل النبلاء الإقطاعيين والسدة الإمبراطورية. وفي العصور الوسطى (1185 - 1600) تأسست معاهد دينية تتبع الزن البوذية وكان لها أهمية كبيرة في عملية التعليم، بالإضافة إلى أن مدرسة أشيكاغا ازدهرت في القرن الخامس عشر للتعليم العالي.
-  القرن السادس عشر
في القرن السادس عشر كان هناك اتصال بين اليابان والقوى الأوروبية الرئيسية، حيث دخل الكثير من المبشرين الذين اصطحبهم التجار البرتغاليين لنشر المسيحية وفتحوا عددا من المدارس الدينية، وبهذا بدأ الطلاب اليابانيين بدراسة اللغة اللاتينية والموسيقى الغربية بالترافق مع لغتهم الأم.
-  فترة إدو
بحلول عام 1603، كانت اليابان قد توحدت تحت إمرة توكوغاوا وفي عام 1640 تم ترحيل الأجانب من اليابان ومنع المسيحية ومنع جميع العلاقات مع الأجانب. وبهذا دخلت اليابان في فترة من العزلة وفترة من الهدوء والسلام الداخلي بعد فترة الدويلات المتحاربة استمرت فترة أكثر من 200 عام. عند بداية فترة إدو كان القليل من اليابانيين يستطيعون القراءة والكتابة، أما مع نهاية الفترة فكان نسبة كبيرة من الناس يستطيعون القراءة والكتابة وارتفعت نسبة التعليم وكان هذا الأساس الذي سهل الانتقال أثناء فترة ميجي من العصر الإقطاعي إلى الدولة الحديثة. حيث كانت تقدر نسبة التعليم فوق 80% للرجال، وبين 60% إلى 70% للنساء وترتفع النسبة في المدن الكبرى كـ"إدو" و"أوساكا".
-  فترة ميجي
بعد 1868 حيث جرى إصلاح " ميجي " انخرطت اليابان في عجلة التحديث. و وضعت حكومة ميجي نظاما للتعليم لتساعد اليابان على اللحاق بركب الغرب، حيث أرسلت بعثات للخارج لدراسة النظم التعليمية في الدول الغربية، ورجعت بأفكار مثل اللامركزية ومجالس التعليم المحلية، وبعد عدة محاولات لتعديل نظام التعليم توصلت اليابان إلى وضع نظام تعليم مناسب لها. وارتفعت نسبة التحاق الأطفال بالمدارس من" 40%-50% " في عام 1870 إلى" 90% " في عام 1900 على الرغم من أصوات المعارضة الشعبية خاصة ضد رسوم المدارس.
في أواخر القرن التاسع عشر تم إدخال المزيد من الأفكار التقليدية إلى التعليم مثل مبادئ الكونفوشيوسية خاصة التي تتعلق بالعلاقات الإنسانية والقومية وحب الوطن والتعليم والأخلاق.
-  قبل الحرب العالمية الثانية
في أوائل القرن العشرين، كان التعليم في المراحل الأولى مساواتيا، أما في المراحل العليا فكان قد قسم على سياقات وغير متاحا للجميع من دون النخبة. وكان هناك بعض الجامعات الإمبراطورية التي كان للألمان نفوذ ملحوظ فيها. كما أن بعض الجامعات فقط قبلت الإناث بالإضافة إلى وجود جامعات مخصصة للإناث، وقامت البعثات التبشيرية المسيحية بافتتاح دور تعليمية خاصة للإناث خاصة في المراحل التعليمية المتوسطة. بعد 1919 وافقت الحكومة على فتح بعض الجامعات الخاصة.
-  أثناء الاحتلال
قام صناع القرار خلال فترة الاحتلال لليابان بالعمل على وضع نظام تعليم ديمقراطي يتألف من ثلاثة مراحل (ستة-ثلاثة-ثلاثة سنوات) ورفع مدة التعليم الإلزامي إلى تسع سنوات. كما تم تعديل الكتب المدرسية والمقررات بإزالة الروح القومية منها واستبدلت بمواضيع اجتماعية وأسست اتحادات المعلمين. ومع إلغاء حكر التعليم العالي على النخبة وزيادة عدد معاهد التعليم العالي ازدادت فرصة دخول الجامعات.
-  بعد الاحتلال
بعد أن استعادت اليابان سلطتها عام 1951، بدأت مباشرة بتعديل نظام التعليم ليعكس الأفكار اليابانية حول التعليم والإدارة التعليمية. حيث عادت سيطرة وزارة التعليم اليابانية وتم تعيين مجالس المدارس بدل من انتخابها. وفي فترة الستينات ظهرت الحاجة نتيجة التطور الاقتصادي السريعة إلى توسيع التعليم العالي، و هذا ترافق مع ظهور الكثير من المشاكل في الجامعات اليابانية تحت تأثير الكثير من العوامل مثل الاعتراض على الحرب الفيتنامية، تأثر الطلاب بالكثير من الحركات الفكرية في اليابان بالإضافة إلى معارضتهم لأنظمة الجامعات.
و استجابت الحكومة لطلبات الطلاب بوضع قانون تنظيم الجامعات عام 1969 الذي جاء بالكثير من الإصلاحات في النظام التعليمي.
-  ثمانينات القرن العشرين
على الرغم من التقدم الكبير الذي حصل بعد الحرب العالمية الثانية في نظام التعليم إلا أنه لا زال يتعرض للعديد من الانتقادات بعضها قلة الخيارات في العملية التعليمية والنظام الزائد والأهمية العالية لامتحانات دخول المدارس والجامعات التي قد تلعب دوراً في تحديد مصير الطالب المستقبلي. على الرغم من ذلك يعتبر البعض أن النظام المتبع هو حل للكثير من المشاكل الاجتماعية التي قد تظهر إن لم يعتمد هذا النظام.
بالإضافة إلى ذلك فقد انفتح النظام التعليمي في اليابان على العالم وتوسيع القاعدة التعليمية لاستضافة العديد من الطلاب الأجانب خاصة في المراحل الجامعية ومراحل الدراسات العليا.
ب‌- التعليم المعاصر

-  مدخل:
• خصائص نظام التعليم الياباني :
يحدد القانون الأساسي للتعليم، وقانون التعليم المدرسي المستمدان من الدستور الياباني لسنة 1948 شكل التعليم في اليابان وأهدافه وطبيعته ومحتواه وأساليبه وطرقه. وفيما يلي أبرز الملامح الرئيسة للتعليم في اليابان:
1- التعليم الإلزامي (9 سنوات) مجاني لجميع الأطفال ويسير وفق مبدأ تكافؤ الفرص والتربية المختلطة.
2- يسير التعليم حسب نمط 6-3-3 ويتنوع التعليم الثانوي بما يحقق حاجات المجتمع ويراعي رغبات الطلاب.
3- التعليم ما قبل المدرسي سواء في رياض الأطفال (3-5) أو مراكز الرعاية النهارية ( 1-5) ليس من مسؤولية الحكومة وغالبا ما يتحمل الآباء تكلفته ولكنه ليس خارج حدود قدرة الآباء.
4- هناك تعليم خاص موازي للتعليم الرسمي ويدعى ( الجوكو) وهدفه تدعيم التعليم في المدارس الحكومية في مواد محددة أو لأغراض محددة (كاجتياز بعض الامتحانات) ويتحمل الآباء تكلفة هذا التعليم وهو كذلك ليس خارجا عن نطاق قدرتهم .
• المكونات الحضارية للتربية في اليابان :
وترتكز المكونات الحضارية للتربية في اليابان على الدعائم التالية :
1- أهمية التربية وأهدافها في المجتمع الياباني وفي تحديد الوضعية الاجتماعية والاقتصادية للإنسان.
2- العلاقات المتناغمة المنسجمة بين أفراد المجتمع الياباني والدور المركزي للجماعة.
3- - العمل الجاد والاجتهاد والمثابرة والاعتقاد الراسخ بأنهما يؤديان إلى النجاح في الحياة عامة والتعليم خاصة.
4- الدافعية والاعتقاد الراسخ بأنها تشكل من قبل المعلم وتتأثر بالبيئة المدرسية.
5- التراث النابع من التاريخ والقيم الحضارية لليابان والتي تنتشر في التربية انتشارا عضويا والمتمثل في الإجماع القومي على أهمية التربية ودورها في تنمية الخلق وإقبال الآباء والأبناء على بذل الجهد الدائم والتضحية سنة بعد أخرى للنجاح في المدرسة.
6- إن 99 في المائة من الأطفال في سن التعليم الإلزامي ملتحقون بالمدرسة وأن أكثر من 90 في المائة من أطفال ما قبل المدرسة الابتدائية ملتحقون برياض الأطفال أو مراكز الرعاية النهارية، وكذا فإن حوالي 96 في المائة ممن هم في سن المدرسة الثانوية ملتحقون بها. كما أن معدلات استمرار الطلاب في الدراسة عالية جدا كما أن معدل الهدر و التسرب قليل جدا في مختلف المستويات.
7- إن التعليم في اليابان يدار من قبل الحكومة الوطنية، وإدارة الحكم المحلي للإقليم وإدارة البلدية ولكنها جميعها تخضع للإشراف العام لوزارة التربية والعلوم والثقافة. وكذا توزع التكاليف المالية للتعليم الحكومي على الجهات الثلاث السابق ذكرها. ويتحمل الآباء جزءا من تكاليف الدراسة الثانوية العالية والتعليم العالي.
8- بدأ السنة الدراسية في أوائل شهر أبريل وتقع في ثلاثة فصول وتنتهي في شهر مارس. أما في التعليم العالي فإن السنة الدراسية تقع في فصلين دراسيين. وعادة ما تكون السنة الدراسية في المرحلة الابتدائية والثانوية(240)يوما، وتتطلب وزارة التربية على الأقل (210) يوما من التدريس أما باقي الأيام فيخصص للأنشطة التربوية بمختلف أشكالها.
9- لا يعتبر التأهيل الجامعي العالي شرطا للدخول لمهنة التعليم إلا أن الخبرة التعليمية تلعب دورا بارزا في المستقبل المهني للمعلم. ومع ذلك فإن عدد المعلمين الجامعيين هو في ازدياد مستمر إذ أنه يشكل الآن 90 في المائة من المعلمين الجدد في النظام التعليمي. وبمقارنة اليابان مع الدول الغربية فإن المعلم الياباني يبقى في المهنة فترة أطول بكثير وبالتالي فإن خبرته أكثر من نظيره الغربي.
10- يعتبر التعليم من فرص العمل الدائمة والرائجة للنساء في اليابان فهن يشكلن 41.9 في المائة من كافة العاملين في العاهد والمؤسسات التعليمية.
11- يتم إعداد المعلمين بشكل رئيسي في كليات التربية البالغ عددها (65)كلية. وفي سنة 1979 كانت حوالي 84 في المائة من جميع الكليات والجامعات وكذلك 84 في المائة من الكليات الدنيا تساعد في إعداد المعلمين وبذلك فإن هناك (800) مؤسسة أو معهد تخرج سنويا حوالي ( 175.000) معلما مؤهلا.
12- تتكون متطلبات شهادة التدريس من دراسة عدد وحدات التخرج تتراوح ما بين 124 وحدة إلى 159 وحدة ( أربع سنوات) كما يمكن أن تصل إلى أكثر من (200) وحدة في حالة الحصول على أكثر من شهادة. وتتوزع هذه الوحدات على مواد التربية العامة والإنسانية والعلوم الطبيعية والاجتماعية واللغات والتربية البدنية والمادة التدريسية والمواد التربوية المهنية بما فيها التربية العلمية.
13- هناك تنافس حاد للحصول على وظيفة معلم وذلك نظرا للمكانة الاجتماعية الجيدة للمعلم وجاذبية مهنة التعليم من حيث الامتيازات والحوافز. فقد احتل معلمو المرحلة الابتدائية مكانة أفضل من المهندسين في سلم ترتيب أهمية المهن. وكذلك فقد احتل أساتذة الجامعات المرتبة الثالثة بعد القضاة ورؤساء الشركات.
14- هناك تدريب مستمر أثناء الخدمة لجميع المعلمين ويعكس ذلك الالتزام الحضاري نحو التقدم الذاتي.
15- تتكون المواد الدراسية في موحلة التعليم الابتدائي من اللغة اليابانية، المواد الاجتماعية، الحساب، العلوم ، الموسيقى، الفنون والأشغال، الصناعات المنزلية، التربية البدنية، التربية الخلقية، والأنشطة الخاصة. أما في المدرسة الثانوية الدنيا فيبدأ تعليم اللغات الأجنبية والفنون الصناعية والفنون الجميلة والتربية الصحية والرياضيات.
16- يدخل في المدرسة الثانوية العليا تنوع كبير في الشكل والمضمون والهدف وكذا تتعدد المواد الدراسية وتتنوع اعتمادا على نوع المدرسة، وفي كل الأحوال هناك تركيز كبير على العلوم والرياضيات بشكل يفوق بكثير ما يجري في مدارس الغرب والولايات المتحدة الأمريكية بشكل خاص.
أ‌- المدرسة اليابانية :
1- الحياة المدرسية :
يتوزع طلاب الفصل الدراسي في المدارس الابتدائية اليابانية إلى فرق صغيرة لممارسة العديد من الأنشطة. كمثال يقوم التلاميذ بتنظيف الفصول والقاعات وفناء المدرسة يوميًا. وفي الكثير من المدارس الابتدائية يتناول التلاميذ في فصولهم الغداء المعد في المدرسة أو المركز المحلي الذي يختص بخدمة تحضير الغداء للمدارس في الحي. وتتناوب فرق صغيرة من التلاميذ على تقديم الوجبات لزملائهم. ويتسم الغداء المدرسي بأنه غني بالمواد الغذائية الصحية المتنوعة.
وتقام أنشطة كثيرة خلال السنة الدراسية: كاليوم الرياضي حيث يتسابق التلاميذ في مباريات متعددة كشد الحبل وسباق تتابع، ورحلات الزيارة للمواقع التاريخية، والمهرجانات الثقافية والفنية التي يشارك فيها الطلاب ضمن فقرات من الرقص والعروض الأخرى. يختتم التلاميذ كل من المراحل الدراسية الابتدائية والإعدادية والثانوية برحلات مدتها عدة أيام لمدن ثقافية هامة مثل كيوتو أو نارا أو منتجعات التزلج أو أماكن أخرى. تلزم معظم المدارس الإعدادية والثانوية الطلاب بارتداء الزي المدرسي، ويرتدي الأولاد البنطلون والجاكيت ذا الياقة القائمة وترتدي البنات التنورة والسترة عادة .
2- أنشطة الأندية:
بعد انتهاء الدراسة يشترك معظم طلبة المرحلة الإعدادية في أندية مدرسية متعددة حسب أنشطتهم المفضلة مثل الفرق الرياضية والموسيقية والفرق الفنية والأندية العلمية. تعد أندية البيسبول الأكثر شعبية بين الذكور كما بدأت شعبية أندية كرة القدم تزداد. ويجذب نادي الجودو الذكور والإناث، وينضمون إليه للتمرن على الفنون القتالية التقليدية، متأثرين بلاعبي ولاعبات الجودو اليابانيين العظماء الفائزين بميداليات بطولة العالم للجودو ودورة الألعاب الأولمبية. وتقام العديد من المباريات لمختلف الألعاب الرياضية بين المدارس أو على مستوى المناطق مما يتيح للطلاب فرصًا عديدة للمنافسة .
وقد ازدادت مؤخرًا شعبية أحد الأندية الثقافية وهو نادي الغو، وهي إحدى ألعاب الرقع الستراتيجية وتلعب بأحجار سوداء وبيضاء وقد بدأ الكثير من الأطفال يبدون اهتمامًا في لعبة الغو على أثر صدور كتاب خاص من المانغا - قصص مرسومة - عن هذه اللعبة. هناك اختيارات أخرى للطلاب تشمل نوادي الكورس والفنون الجميلة وفرق الآلات النحاسية وحفلات الشاي ونوادي تنسيق الأزهار وكلها محببة لدى الطلاب .
3- المعلم:
يلعب المعلم دورا مهما في العملية التعليمية في اليابان في مختلف المراحل ، حيث إن هذا الدور يعكس اهتمام اليابانيين بالتعليم وحماسهم له، ومدى تقديرهم للمعلمين، فالمعلمون يحظون باحترام وتقدير ومكانة اجتماعية مرموقة، ويتضح ذلك من خلال النظرة الاجتماعية المرموقة لهم، وكذلك المرتبات المغرية التي توفر لهم حياة مستقرة كريمة ويتساوى في ذلك المعلمون والمعلمات. ويتضح كذلك من خلال التهافت على شغل هذه الوظيفة المرموقة في المجتمع. فمعظم هؤلاء المعلمين هم من خريجي الجامعات ولكنهم لايحصلون على هذه الوظيفة إلا بعد اجتياز اختبارات قبول شاقة، تحريرية وشفوية. وبالطبع نسبة التنافس على هذه الوظيفة شديدة أيضًا، وهم بشكل عام يعكسون أيضًا نظرة المجتمع إليهم، ويعكسون أيضًا صورة الالتزام وروح الجماعة والتفاني في العمل عند اليابانيين. فهم إلى جانب عملهم في المدرسة وقيامهم بتدريبات ودراسات لرفع مستوياتهم العلمية، فهم يهتمون بدقائق الأمور الخاصة بتلاميذهم، كما يقومون بزيارات دورية إلى منازل التلاميذ أو الطلاب للاطمئنان على المناخ العام لاستذكار التلاميذ من ناحية، ومن ناحية أخرى يؤكدون التواصل مع الأسرة وأهمية دور الأسرة المتكامل مع المدرسةبالرغم من المركزية في الإشراف عليهم، إلا أن المعلمين يتمتعون بقسط من الحرية بصفتهم من هيئة صُناع القرار بالمدرسة وعلى رأسهم مدير المدرسة. وهم يجتمعون في ربيع كل عام لمناقشة وتقرير الأغراض التربوية للمدرسة، والتخطيط لجدول النشاط المدرسي لتحقيق تلك الأغراض التربوية وإعداد ذلك في كتيب كل عام. كما يقوم المعلمون كذلك بعقد حلقات بحث أو «سيمنار» كل ثلاثة أشهر لإلقاء البحوث والنقاش حول نظريات التعلم ومشاكل العملية التعليمية. وهم يقومون بإدارة مدارسهم دون ضغط ملزم من جانب الوزارة وذلك تحت ظل سلطة اتحادهم. ولذلك يشعر المعلمون في اليابان بأهميتهم في صنع القرار لأنهم ليسوا مجرد موظفين تابعين لوزارة التعليم.
يتألف نظام التعليم الأساسي في اليابان من المرحلة الابتدائية - مدتها ست سنوات - والمرحلة الإعدادية - ثلاث سنوات - والمرحلة الثانوية - ثلاث سنوات - والمرحلة الجامعية - أربع سنوات - ويعتبر التعليم إلزاميًا في السنوات التسع من المرحلتين الابتدائية والإعدادية فقط، لكن 98% من الطلبة يتابعون دراستهم الثانوية. ويضطر الطلبة عادة لاجتياز اختبارات مخصصة للالتحاق بالمدارس الثانوية والجامعات:
ت‌- التعليم الأولي:
عادة ما يبدأ التعليم في مراحله الأولى في المنزل، حيث هناك عدد كبير من الكتب التعليمية الموجهة للأطفال للأعمار دون سن المدرسة بالإضافة إلى البرامج التلفزيونية التعليمية المخصصة للأطفال والتي تساعد الآباء على تعليم أطفالهم. غالبا ما ينصب التعليم المنزلي على تعليم الآداب والسلوك الاجتماعي المناسب واللعب المنظم، بالإضافة إلى المهارات الأساسية في قراءة الحروف والأرقام وبعض الأناشيد الشهيرة.
و في الغالب الأعم ، يضع الآباء العاملين أبناءهم في رياض للأطفال تدعى "يوتشي-إن" (幼稚園) يعمل فيها غالبا شابات صغيرات يكن في معظم الحالات طالبات معاهد أو جامعات في أوقات فراغهن وتكون تحت إشراف وزارة التعليم، ولكنها لا تعتبر جزءا من نظام التعليم الرسمي الذي يبدأ في العادة من المرحلة الابتدائية.
بالإضافة إلى رياض الأطفال التي يكون هدفها تعليميا، هناك أخرى مخصصة لرعاية أبناء الموظفين و العمال و تدعى هويكو-إن (保育園) تعمل تحت إشراف وزارة العمل و تبلغ نسبة الأطفال الذين يذهبون إلى رياض الأطفال قبل المدرسة الابتدائية حوالي 90% وغالبا ما يعلم فيها المهارات الاجتماعية الأساسية، قراءة الحروف والأرقام والتعرف على البيئة والعلاقات الإنسانية.
ث‌- التعليم الإبتدائي:
تفوق نسبة الأطفال الملتحقين بالمرحلة الابتدائية في اليابان نسبة 99% و هي مرحلة تعليم إلزامي. يدخل الأطفال عادة المدرسة الابتدائية بعمر 6 سنوات ويعتبر دخول المدرسة الابتدائية من أهم أحداث حياة الطفل له وللأسرة.
معظم المدارس الابتدائية في اليابان هي مدارس حكومية ولا يتعدى نسبة المدارس الخاصة 1%حيث أن المدارس الخاصة مكلفة على المدارس الحكومية.
ويتعلم الأطفال في المرحلة الابتدائية المواد الأساسية الضرورية للحياة اليومية في المجتمع مثل اللغة اليابانية القومية والحساب والعلوم والمواد الاجتماعية والتربية البدنية والتدبير المنزلي. وغالبًا ما يقوم مدرس واحد في هذه المرحلة بتدريس المواد الدراسية كلها ما عدا التخصصية منها إلى حد ما مثل الفنون اليدوية والموسيقى والتدبير المنزلي. وفي المرحلة المتوسطة يتلقون تعليمهم ليكونوا مؤسسين وفاعلين في المجتمع والدولة، فيتهيؤون ليختاروا طريقهم في المستقبل حيث يتعلمون المهارات والمعارف الأساسية ليتمكنوا من إدراك واستيعاب الأعمال والوظائف المختلفة الضرورية في المجتمع، ويكون تدريس المواد الدراسية في هذه المرحلة تبعًا للتخصص أي كل مدرس حسب مادة تخصصه.
ج‌- التعليم المتوسط :
تمتد فترة المدرسة الإعدادية لثلاث سنوات من الصف السابع إلى الصف التاسع وهي ضمن فترة التعليم الإلزامي، حيث يتراوح أعمار التلاميذ بين 12 إلى 15 سنة.
معظم المدارس الإعدادية هي مدارس حكومية، ولا تتجاوز نسبة المدارس الخاصة 5% وذلك بسبب ارتفاع كلفتها التي تبلغ حوالي 5 أضعاف كلفة المدارس الحكومية.
يقوم المعلمون بتدريس المواد حسب الاختصاص، وأكثر من 80% منهم هم خريجي كليات جامعة ذات فترة 4 سنوات تعليمية. يحدد مدرس مسؤول عن كل صف، إلا أنه يكون مسؤول عن تدريس مادة اختصاصية لذلك يمضي وقته في التنقل بين الصفوف لتدريس مادته الاختصاصية ويمضي الوقت المتبقي في متابعة أمور طلاب صفه.
ح‌- التعليم الثانوي :
على الرغم من أن التعليم الثانوي غير إلزامي في اليابان إلا أن نسبة كبيرة من طلاب المرحلة الإعدادية يتابعون تعليمهم الثانوي.
تبلغ نسبة المدارس الخاصة حوالي 55% ولا يوجد أي مدرسة ثانوية مجانية سواء كانت خاصة أم حكومية. تبلغ كلفة التعليم الوسطية للطالب الواحد في المرحلة الثانوية حوالي 300 ألف ين ياباني سنويا في المدارس العامة, وضعف ذلك المبلغ في المدارس الخاصة.
تعتبر المدارس الثانوية هي مرحلة تحضيرية للدراسة في الجامعة، لذلك يكون التعليم فيها قاسيا والمعلومات فيها مركزة.
وفي هذه المرحلة يتعلم الطلاب المهارات والمواد الدراسية والمعلومات المختلفة التي تُمكنهم من خدمة المجتمع وتأدية الدور والرسالة التي يجب تقديمها للمجتمع والدولة، مثل المقررات الدراسية في الزراعة والتجارة والإنتاج الحيواني وصيد الأسماك، والصناعة التي تنقسم بدورها إلى مواد دراسية أخرى مثل الآلات والهندسة الكهربائية والكيمياء والهندسة المدنية والعمارة وعلم المعادن إلى آخره. وهذه المدارس غالبًا إما مدارس حكومية تنشئها وتمولها الحكومة المركزية وإما مدارس محلية تنشئها المقاطعة أو المدينة أو القرية، وإما مدارس أهلية.
خ‌- التعليم الجامعي :
في 2005 بلغ عدد طلاب الجامعات في اليابان 2.8 مليون طالب مسجلون في 726 جامعة. معظم الجامعات تكون مدة الدراسة فيها 4 سنوات وتمنح درجة البكالوريوس ، والبعض تكون لمدة ست سنوات خاصة في المهن الاحترافية مثل الطب. هناك ثلاث أنواع من الجامعات :
• جامعات وطنية: يبلغ عددها 96 جامعة
• جامعات محلية: تشرف عليها حكومات المحافظات والمدن المحلية يبلغ عددها 39
• جامعات خاصة: يبلغ عددها 372 جامعة
يبلغ متوسط كلفة الدراسة الجامعة للعام الواحد حوالي 1.4 مليون ين ياباني، ويعتبر من أعلى المصاريف بالنسبة للآباء، لذلك غالبا ما يعمل الأبناء أعمال إضافية مؤقتة .
و للولوج إليها يجتاج خريجوا الثانوية اختبارات القبول للجامعة التي يريدون الالتحاق بها وليس على أساس نتيجة الثانوية العامة كما هي الحال عند التقدم إلى المرحلة الثانوية بعد انتهاء المرحلة المتوسطة. وتقوم الجامعات بتطوير قدرات الطلاب التطبيقية والمعارف والتربية الأخلاقية أيضًا، حيث يتلقى الطلاب المعارف المختلفة ويقومون أيضًا بالأبحاث المتنوعة لأن الجامعة هيئة أبحاث وليست هيئة تعليمية فقط. ومدة الدراسة بالجامعة أربع سنوات ولكن كلاً من كليتي الطب وطب الأسنان لمدة ست سنوات. أما الدراسات العليا، فهي سنتان لمرحلة الماجستير، وثلاث لمرحلة الدكتوراه (لا توجد مرحلة ماجستير لكلية الطب والأسنان ولكن مرحلة دكتوراه فقط لمدة 4 سنوات).
خلاصات:
خلص فريق من الخبراء و الباحثين التابعين إلى مكتب البحوث التربوية بالولايات المتحدة الأمريكية في نهاية دراسة مستفيضة حول التربية و التعليم باليابان و بعد تقييم تجربتها المتميزة إلى مجموعة من الخلاصات و الدروس التي يمكن الاستفادة منها ، ويجب التنويه هنا إلى أن هذه الدروس يمكن أن تكون ذات فائدة لكل المجتمعات بما فيها المجتمع العربي ، و هي على النحو الآتي :
1- إشراك الآباء في تعليم الأطفال خلال كافة المراحل التعليمية.
2- وضوح الأهداف والغايات التي تسعى المدرسة إلى تحقيقها لدى الآباء والتلاميذ.
3- تقدير أهمية الدافعية.
4- أهمية التوقعات والمستويات في تقدم التعلم.
5- تقديم التعليم الأساسي الشامل لجميع الأطفال وإمكانية تضمين المنهج بالإضافة إلى ذلك التاريخ والعلوم والفنون والموسيقى والتربية الرياضية وبداية تعلم لغة أجنبية والدراسات العملية.
6- ينبغي للمدرسة أن تقوم بدورها في نقل التراث الموروث والمشترك للأجيال القادمة.
7- إن النظام التعليمي يمكن أن يدعم وينمي الشخصية الواعية والقيم الثابتة والسلوك الأخلاقي.
8- ينبغي أن تعكس بيئة الفصل والمدرسة الأهداف المطلوب تحقيقها هناك.
9- على الآباء أن يتأكدوا من أن أبناءهم يستثمرون الوقت المخصص للتعلم داخل المدرسة وخارجها بكفاءة.
10- على التربية أن تعمل على استثمار المصادر حسب الحاجة والأولويات.
11- إن المدرس المتمكن المخلص في عمله هو أساس المدرسة الناجحة.
12- يتوقع من الصغار الذين يتحملون مسؤولية تحصيلهم الدراسي أن يبذلوا الجهد والوقت والمثابرة لتحقيق ذلك.
مصادر و مراجع :
1- موسوعة ويكبيديا.
2- مقال لأحمد الجبلي ، موقع مدينة وجدة.
3- فاطمة سعد الدين ، منتديات وزارة التربية و التعليم
4- محاضرة للدكتور علي مهران هاشم تحت عنوان "نظام التعليم باليابان"
5- دراسة مستفيضة حول التعليم باليابان ، إنـجاز مكتب البحوث التربوية بالولايات المتحدة الأمريكية .
لتحميل الملف بصيغة PDF :
على الخليج : من هنا
على ميقا : من هنا

ليست هناك تعليقات

يتم التشغيل بواسطة Blogger.